واعلم أن العلماء أجمعوا على أن القسامة يشترط لها لوث، ولكنهم اختلفوا في تعيين اللوث الذي تحلف معه أيمان القسامة، فذهب مالك رحمه الله إلى أنه أحد أمرين:
الأول: أن يقول المقتول: دمي عند فلان. وهل يكفي شاهد واحد على قوله ذلك، أو لابد من اثنين؟ خلاف عندهم.
والثاني: أن تشهد بذلك بينة لا يثبت بها القتل كاثنين غير عدلين.
قال مالك في الموطإ: الأمر المجتمع عليه عندنا، والذي سمعته ممن أرضى في القسامة، والذي اجتمعت عليه الأئمة في القديم والحديث: أن يبدأ بالأيمان المدعون في القسامة فيحلفون، وأن القسامة لا تجب إلا بأحد أمرين: إما أن يقول المقتول دمي عند فلان، أو يأتي ولاة الدم بلوث من بينة، وإن لم تكن قاطعة على الذي يدعى عليه الدم، فهذا يوجب القسامة لمدعي الدم على من ادعوه عليه، ولا تجب القسامة عندنا إلا بأحد هذين الوجهين - اهـ محل الغرض منه، هكذا قال في الموطإ. وستأتي زيادة عليه إن شاء الله.
واعلم أن كثيرًا من أهل العلم أنكروا على مالك رحمه الله إيجابه القسامة بقول المقتول قتلني فلان. قالوا: هذا قتل مؤمن بالإيمان على دعوى مجردة.