وأن المحذور الذي ذكره الزمخشري منتفٍ. وذلك أنهم قالوا: إن جملة {وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجًا (١)} ليست معطوفة على الصلة، وإنما هي جملة حالية. وقوله:{قَيِّمًا} حال بعد حال، وتقديره أن المعنى: أنزل على عبده الكتاب في حال كونه غير جاعل فيه عوجًا، وفي حال كونه قيمًا. وتعدد الحال لا إشكال فيه، والجمهور على جواز تعدد الحال مع اتحاد عامل الحال وصاحبها، كما أشار له في الخلاصة بقوله:
والحال قد يجيء ذا تعدد ... لمفرد فاعلم وغير مفرد
وسواء كان ذلك بعطف أو بدون عطف. فمثاله مع العطف: قوله تعالى: {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى مُصَدِّقًا بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّدًا وَحَصُورًا وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩)}، ومثاله بدون عطف قوله تعالى:{وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا .. } الآية. وقول الشاعر:
علَيَّ إذا ما جئتُ ليلى بخفية ... زيارةَ بيت الله رجلان حافيا
ونُقل عن أبي الحسن بن عصفور منع تعدد الحال ما لم يكن العامل فيه صيغة التفضيل، في نحو قوله: هذا بسرًا أطيب منه رطبًا. ونُقل منع ذلك أيضًا عن الفارسي وجماعة. وهؤلاء الذين يمنعون تعدد الحال يقولون: إن الحال الثانية إنما هي حال من الضمير المستكنّ في الحال الأولى. والأولى عندهم هي العامل في الثانية. فهي عندهم أحوال متداخلة، أو يجعلون الثانية نعتًا للأولى. وممن اختار أن جملة {وَلَمْ يَجْعَلْ} حالية، وأن {قَيِّمًا} حال بعد حال الأصفهاني.
وذهب بعضهم إلى أن قوله:{قَيِّمًا} بدل من قوله: {وَلَمْ