للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بذلك؛ بل هو عقد على أن كل واحد منهما نائب عن الآخر في كل التصرفات في مال الشركة، وضامن عليه في كل ما يتعلق بالشركة. وهذا لا مانع منه كما ترى، وبه تعلم أن اختلاف المالكية والشافعية في شركة المفاوضة خلاف في حال، لا في حقيقة.

وأمَّا شركة العنان: فهي جائزة عند الأئمة الأربعة؛ مع اختلافهم في تفسيرها. وفي معناها في مذهب مالك قولان، وهي جائزة على كلا القولين: الأوَّل وهو المشهور: أنَّها هي الشركة التي يشترط كل واحد من الشريكين فيها على صاحبه ألا يتصرف في مال الشركة إلَّا بحضرته وموافقته، وعلى هذا درج خليل في مختصره بقوله: "وإن اشترطا نفي الاستبداد فعنان"، وهي على هذا القول من عنان الفرس؛ لأنَّ عنان كل واحد من الشريكين بيد الآخر فلا يستطيع الاستقلال دونه بعمل، كالفرس التي يأخذ راكبها بعنانها، فإنَّها لا تستطيع الذهاب إلى جهة بغير رضاه.

والقول الثَّاني عند المالكيّة: أن شركة العنان هي الاشتراك في شيء خاص. وبهذا جزم ابن رشد ونقله عنه المواق في شرح قول خليل: "وإن اشترطا نفي الاستبداد" إلخ. وهذا المعنى الأخير أقرب للمعروف في اللُّغة كما قدمنا عن ابن منظور في اللسان.

وأمَّا شركة الوجوه: فلها عند العلماء معان:

الأوَّل منها: هو أن يشترك الوجيهان عند النَّاس بلا مال ولا صنعة؛ بل ليشتري كل واحد منهما بمؤجل في ذمته لهما معًا. فإذا باعا كان الربح الفاضل عن الأثمان بينهما.

وهذا النوع من شركة الوجوه هو المعروف عند المالكيّة