وأمَّا "شركة الوجوه" التي قدمنا أنَّها هي المعروفة عند المالكيّة "بشركة الذمم" وقدمنا منعها عند المالكيّة والشافعية؛ فهي جائزة عند الحنفية، سواء كانت مفاوضة أو عنانًا. وقد علمت مما تقدم أن المفاوضة عندهم تتضمن الوكالة والكفالة. وأن العنان تتضمن الوكالة فقط، وإن اشترط الشريكان في "شركة الوجوه" مناصفة المشتري أو مثالثته؛ فالربح كذلك عندهم. وبطل عندهم شرط الفضل؛ لأنَّ الربح عندهم لا يستحق إلَّا بالعمل؛ كالمضارب. أو بالمال كرب المال. أو بالضمان كالأستاذ الذي يتقبل العمل من النَّاس ويلقيه على التلميذ بأقل مما أخذ، فيطيب له الفضل بالضمان؛ هكذا يقولون. ولا يخفى ما في "شركة الوجوه" من الغرر.
وأعلم أن الربح في الشركة الفاسدة على حسب المال إن كانت شركة مال ، وعلى حسب العمل إن كانت شركة عمل، وهذا واضح، وتبطل الشركة بموت أحدهما.
وأمَّا تفصيل أنواع الشركة في مذهب الإمام أحمد رحمه الله؛ فهي أيضًا قسمان: شركة أملاك، وشركة عقود.
وشركة العقود عند الحنابلة خمسة أنواع: شركة العنان، والأبدان، والوجوه، والمضاربة، والمفاوضة.
أما شركة الأبدان فهي جائزة عندهم، سواء كان العمل من الصناعات أو اكتساب المباحات. أما مع اتحاد العمل فهي جائزة عندهم بلا خلاف. وأمَّا مع اختلاف العمل فقال أبو الخطَّاب: لا تجوز وفاقًا للمالكية. وقال القاضي: تجوز وفاقًا للحنفية في