للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما فيه والعمل به في حال كونه صبيًّا. قال ابن كثير رحمه الله في تفسير هذه الآية: {وَآتَينَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)} أي الفهم والعلم والجد والعزم، والإقبال على الخير والإكباب عليه، والاجتهاد فيه وهو صغير حدث. قال عبد الله بن المبارك قال معمر: قال الصبيان ليحيى بن زكريا: اذهب بنا نلعب، فقال: ما للعب خلقنا! فلهذا أنزل الله {وَآتَينَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)}. وقال ابن جرير الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآية الكريمة: {وَآتَينَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)} يقول تعالى ذكره: وأعطيناه الفهم بكتاب الله في حال صباه قبل بلوغه أسنان الرجال. وقد حدثنا أحمد بن منيع قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرني معمر ولم يذكره عن أحد في هذه الآية {وَآتَينَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)} قال: بلغني أن الصبيان قالوا ليحيى: اذهب بنا نلعب. فقال: ما للعب خلقنا، فأنزل الله {وَآتَينَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا (١٢)}. وقال الزمخشري في الكشاف: {وَآتَينَاهُ الْحُكْمَ} أي الحكمة، ومنه قول نابغة ذبيان:

احكُم كحكم فتاةِ الحيِّ إذ نظرت ... إلى حمامٍ شِراعٍ واردِ الثَّمَدِ

وقال أبو حيان في البحر في تفسير هذه الآية: والحكم النبوة، أو حكم الكتاب، أو الحكمة، أو العلم بالأحكام. أو اللب وهو العقل، أو آداب الخدمة، أو الفراسة الصادقة. أقوال.

قال مقيده -عفا الله عنه وغفر له-: الذي يظهر لي: هو أن الحكم العلم النافع والعمل به، وذلك بفهم الكتاب السماوي فهمًا صحيحًا، والعمل به حقًّا، فإن هذا يشمل جميع أقوال العلماء في الآية الكريمة. وأصل معنى {الْحُكْمَ} المنع، والعلم النافع والعمل