للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله تعالى: {مِنْ لَدُنَّا} أي من عندنا. وأصح التفسيرات في قوله: {وَزَكَاةً} أنه معطوف على ما قبله، أي: أو أعطيناه زكاة، أي طهارة من أدران الذنوب والمعاصي بالطاعة، والتقرب إلى الله بما يرضيه. وقد قدمنا في سورة "الكهف" الآيات الدالة على إطلاق الزكاة في القرآن بمعنى الطهارة، فأغنى ذلك عن إعادته هنا. وقال أبو عبد الله القرطبي رحمه الله في تفسير هذه الآية: {وَزَكَاةً} الزكاة: التطهير والبركة والتنمية في وجوه الخير؛ أي جعلناه مباركًا للناس يهديهم. وقيل المعنى: زكيناه بحسن الثناء عليه كما يزكي الشهود إنسانًا. وقيل: "زكاة" صدقة على أبويه؛ قاله ابن قتيبة. انتهى كلام القرطبي. وهو خلاف التحقيق في معنى الآية. والتحقيق فيه إن شاء الله هو ما ذكرنا من أن المعنى: وأعطيناه زكاة أي طهارة من الذنوب والمعاصي بتوفيقنا إياه للعمل بما يرضي الله تعالى. وقول من قال من العلماء: بأن المراد بالزكاة في الآية العمل الصالح، راجع إلى ما ذكرنا؛ لأن العمل الصالح هو الذي به الطهارة من الذنوب والمعاصي.

وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {وَكَانَ تَقِيًّا (١٣)} أي: ممتثلًا لأوامر ربه مجتنبًا كل ما نهى عنه؛ ولذا لم يعمل خطيئة قط، ولم يلم بها، قاله القرطبي وغيره عن قتادة وغيره. وفي نحو ذلك أحاديث مرفوعة، والظاهر أنه لم يثبت شيء من ذلك مرفوعًا، إما بانقطاع، وإما بعنعنة مدلس: وإما بضعف راو، كما أشار له ابن كثير وغيره. وقد قدمنا معنى التقوى مرارًا وأصل مادتها في اللغة العربية.

وقوله تعالى: {وَبَرًّا بِوَالِدَيهِ} البَرَّ بالفتح هو فاعل البر -بالكسر-