الرطب لأطعمه الله مريم وقت نفاسها بعيسى، قاله الربيع بن خثيم وغيره. والباء في قوله:{وَهُزِّي إِلَيكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} مزيدة للتوكيد؛ لأن فعل الهز يتعدى بنفسه، وزيادة حرف الباء للتوكيد قبل مفعول الفعل المتعدي بنفسه كثيرة في القرآن وفي كلام العرب، فمنه في القرآن قوله هنا:{وَهُزِّي إِلَيكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ} لأن المتبادر من اللغة أن الأصل: وهزي إليك جذع النخلة، وقوله تعالى:{وَلَا تُلْقُوا بِأَيدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ}، وقوله:{وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ .. } الآية. وقوله: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (٥) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) .. } الآية، وقوله:(تُنْبت بِالدُّهْنِ) على قراءة ابن كثير وأبي عمرو بضم التاء وكسر الباء مضارع أنبت الرباعي؛ لأن الرباعي الذي هو أنبت يُنْبِت بضم الياء المثناة وكسر الباء الموحدة يتعدى بنفسه دون الحرف، فالباء مزيدة للتوكيد كما رأيت في الآيات المذكورة. ونظير ذلك من كلام العرب قول أمية بن أبي الصلت الثقفي:
إذ يسقون بالدقيق وكانوا ... قبل لا يأكلون خبزًا فطيرا
لأن الأصل: يسقون الدقيق، فزيدت الباء للتوكيد. وقول الراعي:
هن الحرائر لا ربات أخمرة ... سود المعاجر لا يقرأن بالسور
فالأصل: لا يقرأن السور، فزيدت الباء لما ذكر. وقول يعلى الأحول اليشكري أو غيره: