إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة". قالوا: هذا حديث متفق عليه، صرح فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه لا يحل دم مسلم إلا بإحدى ثلاث، ولم يذكر منها ترك الصلاة؛ فدل ذلك على أنه غير موجب للقتل. قالوا: والأدلة التي ذكرتم على قتله إنما دلت عليه بمفاهيمها -أعني مفاهيم المخالفة- كما تقدم إيضاحه. وحديث ابن مسعود دل على ما ذكرنا بمنطوقه والمنطوق مقدم على المفهوم؛ مع أن المقرر في أصول الإمام أبي حنيفة رحمه الله: أنه لا يعتبر المفهوم المعروف بدليل الخطاب الذي هو مفهوم المخالفة؛ وعليه فإنه لا يعترف بدلالة الأحاديث المذكورة على قتله؛ لأنها إنما دلت عليه بمفهوم مخالفتها، وحديث ابن مسعود دل على ذلك بمنطوقه. ومنها قياسهم ترك الصلاة على ترك الصوم والحج مثلًا؛ فإن كل واحد منهما من دعائم الإسلام ولم يقتل تاركها، فكذلك الصلاة.
أما الذين قالوا بأنه كافر، وأنه يقتل؛ فقد أجابوا عن حديث ابن مسعود؛ بأنه عام يخصص بالأحاديث الدالة على قتل تارك الصلاة. وعن قياسه على تارك الحج والصوم: بأنه فاسد الاعتبار لمخالفته للأحاديث المذكورة الدالة على قتله. وعن الأحاديث الدالة على عدم الكفر: بأن منها ما هو عام يخصص بالأحاديث الدالة على كفره. ومنها ما هو ليس كذلك، كحديث عبادة ابن الصامت الدال على أنه تحت المشيئة. فالأحاديث الدالة على كفره مقدمة عليه؛ لأنها أصح منه؛ لأن بعضها في صحيح مسلم وفيه التصريح بكفره وشركه. ومنها حديث عبادة بن الصامت المتفق عليه، مع حديث أم سلمة وعوف بن مالك في صحيح مسلم