للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: {وَأَحْسَنُ نَدِيًّا (٧٣)} أي: مجلسًا ومجتمعًا. والاستفهام في قوله: {أَيُّ الْفَرِيقَينِ} الظاهر أنَّه استفهام تقرير؛ ليحملوا به ضعفاء المسلمين الذين هم في تقشف ورثاثة هيئة على أن يقولوا أنتم خير مقامًا وأحسن نديًا منا. وعلى كل حال فلا خلاف أن مقصودهم بالاستفهام المذكور أنهم -أي كفار قريش- خير مقامًا وأحسن نديًّا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأن ذلك هو دليلهم على أنهم على الحق، وأنهم أكرم على الله من المسلمين.

وما في التلخيص وشروحه من أن السؤال بـ {أَيُّ} في الآية التي نحن بصددها سؤال بها عما يميز أحد المشتركين في أمر يعمهما كالعادة في "أي"؛ غَلَطٌ منهم؛ لأنهم فسروا الآية الكريمة بغير معناها الصحيح. والصواب ما ذكرناه إن شاء الله تعالى.

واستدلالهم هذا بحظهم في الحياة الدنيا على حظهم يوم القيامة، وأن الله ما أعطاهم في الدنيا إلَّا لمكانتهم عنده، واستحقاقهم لذلك لسخافة عقولهم = ذكره الله تعالى في مواضع من كتابه؛ كقوله تعالى عنهم: {وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيهِ وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ (١١) وقوله تعالى: {وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهَؤُلَاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيهِمْ مِنْ بَينِنَا أَلَيسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ (٥٣) وقوله تعالى: {وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٣٥) وقوله تعالى: {أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيرَاتِ بَلْ لَا يَشْعُرُونَ (٥٦) وقوله: {أَفَرَأَيتَ الَّذِي كَفَرَ بِآيَاتِنَا وَقَال لَأُوتَيَنَّ مَالًا وَوَلَدًا (٧٧) وقوله: {قَال مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (٣٥) وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيرًا مِنْهَا