في "البقرة" بقوله: {أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠)} وأشار إليه في "مريم" بحرف الزجر الذي هو {كَلَّا} واطلاع الغيب صرح به في "مريم" وحذفه في "البقرة" لدلالة ما في "مريم" على المقصود في "البقرة" كما أوضحنا.
مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة:
المسألة الأولى
اعلم أن هذا الدليل الذي هو السبر والتقسيم تكرر وروده في القرآن العظيم، وقد ذكرنا الآن مثالين لذلك أحدهما في "البقرة" والثاني في "مريم" كما أوضحناه آنفًا. وذكر السيوطي في الإتقان في كلامه على جدل القرآن مثالًا واحدًا للسبر والتقسيم، ومضمون المثال الذي ذكره باختصار، هو ما تضمنه قوله تعالى:{ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَينِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَينِ} الآيتين، فكأن الله يقول للذين حرموا بعض الإناث كالبحائر والسوائب دون بعضها، وحرموا بعض الذكور كالحامي دون بعضها: لا يخلو تحريمكم لبعض ما ذكر دون بعضه من أن يكون معللًا بعلة معقولة أو تعبديًّا. وعلى أنَّه معلل بعلة؛ فإما أن تكون العلة في المحرم من الإناث الأنوثة، ومن الذكور الذكورة. أو تكون العلة فيهما معًا التخلق في الرحم، واشتمالها عليهما. هذه هي الأقسام التي يمكن ادعاء إناطة الحكم بها. ثم بعد حصر الأوصاف بهذا التقسيم نرجع إلى سبر الأقسام المذكورة؛ أي: اختبارها ليتميز الصحيح من الباطل، فنجدها كلها باطلة بالسبر الصحيح؛ لأن كون العلة المذكورة يقتضي تحريم كل ذكر وأنتم تحلون بعض الذكور، فدل ذلك على بطلان