للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التعليل بالذكورة، لقادح النقض الذي هو عدم الاطراد. وكون العلة الأنوثة يقتضي تحريم كل أنثى كما (١) ذكرنا فيما قبله. وكون العلة اشتمال الرحم عليهما يقتضي تحريم الجميع. وإلى هذا الإبطال أشار تعالى بقوله: {قُلْ آلذَّكَرَينِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَينِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَينِ} أي فلو كانت العلة الذكورة لحرم كل ذكر. ولو كانت الأنوثة لحرمت كل أنثى. ولو كانت اشتمال الرحم عليهما لحرم الجميع. وكون ذلك تعبديًّا يقتضي بأن الله وصاكم به بلا واسطة؛ إذ لم يأتكم منه رسول بذلك. فدل ذلك على أنَّه باطل أيضًا، وأشار تعالى إلى بطلانه بقوله: {أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهَذَا} ثم بين أن ذلك التحريم بغير دليل من أشنع الظلم، وأنه كذب مفترى وإضلال بقوله: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٤٤) ثم أكد عدم التحريم في ذلك بقوله: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيرِ اللَّهِ}.

والحاصل: أن إبطال جميع الأوصاف المذكورة دليل على بطلان الحكم المذكور كما أوضحنا. ومن أمثلة السبر والتقسيم في القرآن قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيرِ شَيءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥) } فكأنه تعالى يقول: لا يخلو الأمر من واحدة من ثلاث حالات بالتقسيم الصحيح. الأولى: أن يكونوا خلقوا من غير شيء أي: بدون خالق أصلًا. الثانية: أن يكونوا خلقوا أنفسهم. الثالثة: أن يكون خلقهم


(١) كذا، ولعله: "ويقال فيه كما ... ".