خالق غير أنفسهم. ولا شك أن القسمين الأولين باطلان، وبطلانهما ضروري كما ترى، فلا حاجة إلى إقامة الدليل عليه لوضوحه. والثالث: هو الحق الذي لا شك فيه، وهو جل وعلا خالقهم المستحق منهم أن يعبدوه وحده جل وعلا.
واعلم أن المنطقيين والأصوليين والجدليين كل منهم يستعملون هذا الدليل في غرض ليس هو غرض الآخر من استعماله، إلَّا أن استعماله عند الجدليين أعم من استعماله عند المنطقيين والأصوليين.
المسألة الثانية
اعلم أن مقصود الجدليين من هذا الدليل معرفة الصحيح والباطل من أوصاف محل النزاع، وهو عندهم يتركب من أمرين: الأول: حصر أوصاف المحل. والثاني: إبطال الباطل منها وتصحيح الصحيح مطلقًا، وقد تكون باطلة كلها فيتحقق بطلان الحكم المستند إليها، كآية {قُلْ آلذَّكَرَينِ} المتقدمة. وقد يكون بعضها باطلًا وبعضها صحيحًا: كآية "مريم، والبقرة، والطور" التي قدمنا إيضاح هذا الدليل في كل واحدة منها. وهذا الدليل أعم نفعًا، وأكثر فائدة على طريق الجدليين منه على طريق الأصوليين والمنطقيين.
المسألة الثالثة
اعلم أن السبر والتقسيم عند الأصوليين يستعمل في شيء خاص، وهو استنباط علة الحكم الشرعي بمسلك السبر والتقسيم. وضابط هذا المسلك عند الأصوليين أمران: الأول: هو حصر أوصاف الأصل المقيس عليه بطريق من طرق الحصر التي سنذكر