بعضها إن شاء الله تعالى. والثاني: إبطال ما ليس صالحًا للعلة بطريق من طرق الإبطال التي سنذكر أيضًا بعضها إن شاء الله تعالى. وزاد بعضهم أمرًا ثالثًا: وهو الإجماع على أن حكم الأصل معلل في الجملة لا تعبدي، والجمهور لا يشترطون هذا الأخير.
والحاصل: أن هذا الدليل يتركب عند الأصوليين من أمرين؛ الأول: حصر أوصاف المحل. والثاني: إبطال ما ليس صالحًا للعلة، فإن كان الحصر والإبطال معًا قطعيين فهو دليل قطعي، وإن كانا ظنيين أو أحدهما ظنيًّا فهو دليل ظني. ومثال ما كان الحصر والإبطال فيه قطعيين قوله تعالى: {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيرِ شَيءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)} لأن حصر أوصاف المحل في الأقسام الثلاثة قطعي لا شك فيه؛ لأنهم إما أن يخلقوا من غير شيء أو يخلقوا أنفسهم أو يخلقهم خالق غير أنفسهم. ولا رابع ألبتة. وإبطال القسمين الأولين قطعي لا شك فيه، فيتعين أن الثالث حق لا شك فيه، وقد حُذِف في الآية لظهوره. فدلالة هذا السبر والتقسيم على عبادة الله وحده قطعية لا شك فيها، وإن كان المثال بهذه الآية للقطعي من هذا الدليل إنما يصح على المراد به عند الجدليين دون الأصوليين؛ لأن المراد التمثيل للقطعي من هذا الدليل ولو بمعناه الأعم، والقطعي منه لا يمكن الاختلاف فيه. وأما الظني فإن العلماء يختلفون فيه لاختلاف ظنون المجتهدين عند نظرهم في المسائل. وقد اختلفوا في الرِّبَا في أشياء كثيرة كالتفاح ونحوه. والنورة ونحوها، بسبب اختلافهم في إبطال ما ليس بصالح فيقول بعضهم: هذا وصف يصح إبطاله، ويقول الآخر: هو ليس بصالح فيلزم إبطاله، كقولهم مثلًا في حصر أوصاف البرِّ الذي هو الأصل مثلًا المحرم فيه الرِّبَا