والضمير في قوله "ورده" راجع إلى المركب بنوعيه وهذا هو الحق؛ فلا تنهض الحجة بقول الشَّافعي: إن العلة في تحريم الرِّبَا في البر الطعم على الحنفي والحنبلي القائلين: إنها الكيل كالعكس وهكذا. أما في حق المجتهد ومقلديه فظنه المذكور حجة ناهضة له ولمقلديه.
واعلم أن لحصر أوصاف المحل طرقًا؛ منها: أن يكون الحصر عقليًّا كما قدمنا في آية {أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيرِ شَيءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (٣٥)}. وكقولك: إما أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - عالمًا بهذا الأمر الذي تدعو الناس إليه أو غير عالم به؛ كما يأتي إيضاحه. فأوصاف المحل محصورة في الأمرين المذكورين إذ لا ثالث ألبتة؛ لأنه لا واسطة بين الشيء ونقيضه كما هو معروف. ومنها: أن يدل على الحصر المذكور إجماع؛ ومثل له بعض الأصوليين بإجبار البكر البالغة على النكاح عند من يقول به؛ فإن علة الإجبار إما الجهل بالمصالح، وإما البكارة؛ فإن قال المعترض: أين دليل حصر الأوصاف في الأمرين؟ أجيب: بأنه الإجماع على عدم التعليل بغيرهما، فلو ادعى المستدل حصر أوصاف المحل، فقال المعترض: أين دليل الحصر؟ فقال المستدل: بحثت بحثًا تامًّا عن أوصاف المحل فلم أجد غير ما ذكرت، أو قال: الأصل عدم غير ما ذكرت، فالصحيح أن هذا يكفيه في إثبات الحصر. فإن قال المعترض: أنا أعلم وصفًا زائدًا لم تذكره. قيل له: بَيِّنه، فإن لم يبينه سقط اعتراضه. وإن بين وصفًا زائدًا على الأوصاف التي ذكرها المستدل بطل حصر المستدل بمجرد إبداء المعترض الوصف الزائد؛ إلَّا أن يبين المستدل أنَّه لا يصلح للعلية فيكون إذًا وجوده وعدمه سواء. وقول من قال: إنه