للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التأثير في مواد هذا العالم، أما إذا كانت ضعيفة شديدة التعلق بهذه الذات البدنية فحينئذ لا يكون لها تصرف البتة إلا في هذا البدن. إلى آخر كلامه. ولا يخفى ما فيه على من نظره.

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره في سورة "البقرة" بعد أن ساق كلام الرازي الذي ذكرناه آنفًا ما نصه: ثم أرشد إلى مداواة هذا الداء بتقليل الغذاء والانقطاع عن الناس. قلت: وهذا الذي يشير إليه هو التصرف بالحال وهو على قسمين: تارة يكون حالًا صحيحة شرعية، يتصرف بها فيما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ويترك ما نهى الله تعالى عنه ورسوله - صلى الله عليه وسلم -. فهذه الأحوال مواهب من الله تعالى، وكرامات للصالحين من هذه الأمة، ولا يسمى هذا سحرًا في الشرع. وتارة تكون الحال فاسدة لا يمتثل صاحبها ما أمر الله تعالى به ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا يتصرف بها في ذلك. فهذه حال الأشقياء المخالفين للشريعة، ولا يدل إعطاء الله إياهم هذه الأحوال على محبته لهم؛ كما أن الدجال له من خوارق العادات ما دلت عليه الأحاديث الكثيرة، مع أنه مذموم شرعًا لعنه الله. وكذلك من شابهه من مخالفي الشريعة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام. انتهى كلام ابن كثير رحمه الله تعالى.

النوع الثالث من أنواع السحر المذكورة: الاستعانة بالأرواح الأرضية، يعني تسخير الجن واستخدامهم. قال:

واعلم أن القول بالجن مما أنكره بعض المتأخرين من الفلاسفة والمعتزلة. أما أكابر الفلاسفة فلم ينكروا القول بها؛ إلا أنهم سموها بالأرواح الأرضية. والجن المذكورون قسمان: مؤمنون وكافرون،