للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الميم. والمعنى على جميع القراءات: ما أخلفنا موعدك بأن ملكنا أمرنا، فلو ملكنا أمرنا ما أخلفنا موعدك. وهو اعتذار منهم بأنهم ما أخلفوا الموعد باختيارهم، ولكنهم مغلوبون على أمرهم من جهة السامري وكيده. وهو اعتذار بارد ساقط كما ترى!! ولقد صدق من قال:

إذا كان وجه العذر ليس ببيِّن ... فإن اطِّراح العذرِ خيرٌ من العذر

وأما على قول من قال: إن الذين قالوا لموسى: {مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} هم الذين لم يعبدوا العجل؛ لأنهم وعدوه أن يتبعوه، ولما وقع ما وقع من عبادة أكثرهم للعجل تأخروا عن اتباع موسى بسبب ذلك، ولم يتجرءوا على مفارقتهم خوفًا من الفرقة؛ فالعذر له وجه في الجملة، كما يشير إليه قوله تعالى في القصة في هذه السورة الكريمة: {قَال يَاهَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيتَهُمْ ضَلُّوا (٩٢) أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيتَ أَمْرِي (٩٣) قَال يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَينَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي (٩٤)}. والمصدر في قوله: {بِمَلْكِنَا} مضاف إلى فاعله ومفعوله محذوف، أي بملكنا أمرنا. وقال القرطبي: كأنه قال: بملكنا الصواب بل أخطأنا؛ فهو اعتراف منهم بالخطأ. وقال الزمخشري {أَفَطَال عَلَيكُمُ الْعَهْدُ}: الزمان، يريد مدة مفارقته لهم.

تنبيه

كل فعل مضارع في القرآن مجزوم بـ"لم" إذا تقدمتها همزة استفهام؛ كقوله هنا: {أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْدًا حَسَنًا} فيه وجهان معروفان عند العلماء: