للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أي عوراتهما. وسميت العورة سوءة لأن انكشافها يسوء صاحبها، وصارا يحاولان ستر العورة بورق شجر الجنة، كما قال هنا: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ}، وقال في "الأعراف": {فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ} الآية.

وقوله: {وَطَفِقَا} أي شرعا؛ فهي من أفعال الشروع، ولا يكون خبر أفعال الشروع إلا فعلًا مضارعًا غير مقترن بـ"أن" وإلى ذلك أشار في الخلاصة بقوله:

..................... ... وترك أن مع ذي الشروع وجبا

كأنشأ السائق يحدو وطفق ... كذا جعلت وأخذت وعلق

فمعنى قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} أي شرعا يلزقان عليهما من ورق الجنة بعضه ببعض ليسترا به عوراتهما. والعرب تقول: خصف النعل يخصفها: إذا خرزها؛ وخصف الورق على بدنه: إذا ألزقها وأطبقها عليه ورقة ورقة. وكثير من المفسرين يقولون: إن ورق الجنة التي طفق آدم وحواء يخصفان عليهما منه إنه ورق التين. والله تعالى أعلم.

واعلم أن الستر الذي كان على آدم وحواء، وانكشف عنهما لما ذاقا الشجرة اختلف العلماء في تعيينه؛ فقالت جماعة من أهل العلم: كان عليهما لباس من جنس الظفر؛ فلما أكلا من الشجرة أزاله الله عنهما إلا ما أبقى منه على رءوس الأصابع. وقال بعض أهل العلم: كان لباسهما نورًا يستر الله به سوءاتهما. وقيل: لباس من ياقوت، إلى غير ذلك من الأقوال . وهو من الاختلاف الذي