للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أراد الإِحرام، وحديث يعلى بن أمية يقتضي منع ذلك. والمقرر في الأصول: أن الدال على المنع مقدم على الدال على الإِباحة؛ لأن ترك مباح أهون من ارتكاب حرام.

ومنها: أن حديث يعلى من قول النبي - صلى الله عليه وسلم - بلفظه الصريح في الأمر بإزالة الطيب، وإنقائه من البدن. وظاهره العموم؛ لما قدمنا أن خطاب الواحد يعم حكمه الجميع لاستواء الجميع في التكليف. والعموم القولي لا يعارضه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه مخصص له، كما تقرر في الأصول، كما أوضحناه سابقًا، وإليه الإشارة بقول صاحب "مراقي السعود":

في حقه القول بفعل خصا ... إن يك فيه القول ليس نصا

فهذا هو حاصل ما أجاب به القائلون بمنع التطيب عند إرادة الإِحرام أو كراهته.

وأجاب المخالفون بمنع ذلك كله قالوا: دعوي أن التطيب للنساء، لا الإِحرام، يرده صريح الحديث في قولها: "طيبته لإِحرامه"، وادعاء أن اللام للتوقيت خلاف الظاهر. قالوا: وادعاء أن الطيب زال بالغسل قبل الإِحرام ترده الروايات الصريحة عن عائشة: "أنها كأنها تنظر إلى وبيص الطيب في مفرقه - صلى الله عليه وسلم - وهو محرم"؛ لأن الوبيص في اللغة: البريق، واللمعان، وهو وصف وجودي، والوصف الوجودي لا يوصف به المعدوم، وإنما يوصف به الموجود، فدل على أن الطيب الموصوف بالوبيص موجود بعينه، وهو يرد قول ابن العربي: إنه لم يرد في شيء من طرق حديث عائشة أن عين الطيب بقيت.

ويؤيده ما رواه أبو داود في "سننه": حدثنا الحسين بن الجنيد