وهذا الذي ذكرنا هو حاصل حجة من قال: إن نذر اللجاج فيه كفارة يمين. وهو الأقرب عندي لما ذكرنا، خلافًا لمن قال: لا شيء فيه.
وأما نذر المعصية فلا خلاف في أنه حرام، وأن الوفاء به ممنوع، وإنما الخلاف في لزوم الكفارة به. فذهب جمهور أهل العلم أنه لا كفارة فيه. وعن أحمد والثوري وإسحاق، وبعض الشافعية، وبعض الحنفية: فيه الكفارة. وذكر الترمذي اختلاف الصحابة في ذلك.
واحتج من قال بأنه ليس فيه كفارة بالأحاديث الصحيحة الواردة بأنه لا نذر في معصية. ونفي نذر المعصية مطلقًا يدل على نفي أثره، فإذا انتفى النذر من أصله انتفت كفارته، لأن التابع ينتفي بانتفاء المتبوع. وإن قلنا: إن الصيغة في قوله: "لا نذر في معصية" خبر أريد به الإِنشاء، وهو النهي عن نذر المعصية، فالنهي يقتضي الفساد، وإذا فسد المنذور بالنهي بطل معه تأثيره في الكفارة. قالوا: والأصل براءة الذمة من الكفارة. قالوا: ومما يؤيد ذلك الأحاديث الواردة بأنه لا نذر إلَّا فيما ابتغي به وجه الله.
قال المجد في المنتقى: رواه أحمد، وأبو داود. وفي لفظ عند أحمد: إنما النذر ما ابتغي به وجه الله، وهو من رواية عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. وفي إسناده مناقشات تركناها اختصارًا.
واحتج من قال بأن في نذر المعصية كفارة ببعض الأحاديث الواردة بذلك.
منها: ما روي عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين".