قال الشيخ المواق في شرحه لقول خليل في مختصره المالكي: ولم يعرف بداءة البينة، ولا الإِمام، ما نصه: قال مالك: مذ أقامت الأئمة الحدود فلم نعلم أحدًا منهم تولى ذلك بنفسه، ولا ألزم ذلك البينة خلافًا لأبي حنيفة القائل: إن ثبت الزنا ببينة بدأ الشهود ثم الإِمام ثم الناس. اهـ منه. واستدل له بأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يبدأ برجم ماعز، وأنه قال لأنيس:"فإن اعترفت فارجمها" ولم يحضر - صلى الله عليه وسلم - ليبدأ برجمها، وقول مالك رحمه الله: إنه لم يعلم أحدًا تولى ذلك بنفسه من الأئمة، ولا ألزم به البينة يدل على أنه لم يبلغه أثر علي، أو بلغه ولم يصح عنده. وكذلك الحديث المرفوع الذي استدل به القائلون ببداءة الشهود والإِمام، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - رمى الغامدية بحصاة كالحمصة ثم قال للناس: ارموا.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أما هذا الحديث المرفوع، فليس بثابت، ولا يصح للاحتجاج، لأن في إسناده راويًا مبهمًا.
قال أبو داود رحمه الله في سننه: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا وكيع بن الجراح، عن زكريا أبي عمران قال: سمعت شيخًا يحدث عن ابن أبي بكرة، عن أبيه:"أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رجم امرأة حفر لها إلى الثندوة".
ثم قال أبو داود: حدثنا عن عبد الصمد بن عبد الوارث، قال: حدثنا زكرياء بن سليم بإسناده نحوه زاد: ثم رماها بحصاة مثل الحمصة، ثم قال: ارموا واتقوا الوجه. الحديث. وهذا الإِسناد الذي فيه زيادة، ثم رماها بحصاة مثل الحمصة. هو بعينه الإِسناد الذي فيه قال: سمعت شيخًا يحدث عن ابن أبي بكرة. وهذا الشيخ الذي حدث عن ابن أبي بكرة لم يدر أحد من هو، فهو مبهم، والمبهم