للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المرأة إذا رماها بالزنى، ولكن الله جلَّ وعلا بين أن زوج المرأة إذا قذفها بالزنى خارج من عموم هذه الآية، وأنه إن لم يأت بالشهداء تلاعنا، وذلك في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} الآية.

ومضمونها: أن الزوج إذا قذف زوجته بالزنى ولم يكن له شاهد غير نفسه، والمعنى أنَّه لم يقدر على الإِتيان ببينة تشهد له على الزنى الذي رماها به، فإنه يشهد أربع شهادات يقول في كل واحد منها: أشهد باللَّه إني لصادق فيما رميتها به من الزنى، ثم يقول في الخامسة: عليَّ لعنة الله إن كنت كاذبًا عليها فيما رميتها به، ويرتفع عنه الجلد، وعدم قبول الشهادة، والفسق، بهذه الشهادات. وتشهد هي أربع شهادات باللَّه تقول في كل واحد منها: أشهد باللَّه إنه لكاذب فيما رماني به من الزنى، ثم تقول في الخامسة: غضب الله عليّ إن كان صادقًا فيما رماني به من الزنى، كما هو واضح من نص الآية.

الجهة الثالثة: أن الله بين هنا حكم عقوبة من رمى المحصنات في الدنيا، ولم يبين ما أعد له في الآخرة، ولكنه بين في هذه السورة الكريمة ما أعدَّ له في الدنيا والآخرة من عذاب الله، وذلك في قوله: {إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٢٣) يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤) يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (٢٥)} وقد زاد في هذه الآية الأخيرة كونهن مؤمنات غافلات لإِيضاح صفاتهن الكريمة.

ووصفه تعالى للمحصنات في هذه الآية بكونهن غافلات ثناء عليهن بأنهن سليمات الصدور نقيات القلوب لا تخطر الريبة في قلوبهن؛ لحسن سرائرهن، ليس فيهن دهاء ولا مكر؛ لأنهن