للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال القرطبي: وروي عن ابن مسعود، وعمر بن عبد العزيز، وقبيصة بن ذؤيب: يجلد ثمانين، وجلد أبو بكر بن محمد عبدًا قذف حرًا ثمانين، وبه قال الأوزاعي. واحتج الجمهور بقوله تعالى: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} وقال الآخرون: فهمنا هناك أن حد الزنى للَّه، وأنه ربما كان أخف فيمن قَلَّتْ نعم الله عليه، وأفحش فيمن عظمت نعم الله عليه.

وأما حد القذف فهو حق للآدمي وجب للجناية على عرض المقذوف، والجناية لا تختلف بالرق والحرية، وربما قالوا: لو كان يختلف لذكر كما في الزنى.

قال ابن المنذر: والذي عليه علماء الأمصار القول الأول. وبه أقول. انتهى كلام القرطبي.

قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: أظهر القولين عندي دليلًا: أن العبد إذا قذف حرًّا جلد ثمانين لا أربعين، وإن كان هذا مخالفًا لجمهور أهل العلم، وإنَّما استظهرنا جلده ثمانين، لأن العبد داخل في عموم {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} ولا يمكن إخراجه من هذا العموم إلَّا بدليل، ولم يرد دليل يخرج العبد من هذا العموم، لا من كتاب ولا من سنَّة، ولا من قياس، وإنَّما ورد النص على تشطير الحد عن الأمة في حد الزنى، وألحق العلماء بها العبد بجامع الرق، والزنى غير القذف.

أما القذف فلم يرد فيه نص ولا قياس في خصوصه.

وأما قياس القذف على الزنى فهو قياس مع وجود الفارق، لأن القذف جناية على عرض إنسان معين، والردع عن الأعراض حق للآدمي، فيردع العبد كما يردع الحر. والعلم عند الله تعالى.