للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المعرض بالقذف. قال: وروي ذلك عن عمر رضي الله عنه. وبه قال إسحاق. . . إلى أن قال: وقال معمر: إن عمر كان يجلد الحد في التعريض. أهـ.

واحتج أهل هذا القول بأدلة:

منها: ما ذكره القرطبي قال: والدليل لما قاله مالك هو أن موضوع الحد في القذف إنما هو لإِزالة المعرة التي أوقعها القاذف بالمقذوف، وإذا حصلت المعرة بالتعريض، وجب أن يكون قذفًا، كالتصريح، والمعول على الفهم، وقد قال تعالى: مخبرًا عن قوم شعيب أنهم قالوا له: {إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧)} أي: السفيه الضال، فعرضوا له بالسب بكلام ظاهره المدح في أحد التأويلات حسب ما تقدم في سورة هود. وقال تعالى في أبي جهل: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ (٤٩)} وقال تعالى في الذين قذفوا مريم أنهم قالوا: {يَاأُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (٢٨)} فمدحوا أباها، ونفوا عن أمها البغاء، أي: الزنى، وعرضوا لمريم بذلك، ولذلك قال تعالى: كفرهم معروف، والبهتان العظيم هو التعريض لها، أي: ما كان أَبوك امرأ سوء، {وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَى مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (١٥٦)} وما كانت أمك بغيا، أي: أنت بخلافهما وقد أتيت بهذا الولد، وقال تعالى: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (٢٤)} فهذا اللفظ قد فهم منه أن المراد به أن الكفار على غير هدى، وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الهدى، ففهم من هذا التعريض ما يفهم من صريحه. اهـ. محل الغرض من كلام القرطبي مع تصرف قليل لإِيضاح المراد.