للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ينتقم منه، كما فعل بالذين قتلوا يحيى وزكرياء وشعيا من تسليط بختنصر عليهم، ونحو ذلك.

الثاني: حمل الرسل في قوله: {إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا} على خصوص نبينا - صلى الله عليه وسلم - وحده = أنه لا يجوز حمل القرآن عليه لأمرين:

أحدهما: أنه خروج بكتاب الله عن ظاهره المتبادر منه بغير دليل من كتاب، ولا سنة ولا إجماع، والحكم بأن المقتول من المتقاتلين هو المنصور بعيد جدا، غير معروف في لسان العرب، فحمل القرآن عليه بلا دليل غلط ظاهر، وكذلك حمل الرسل على نبينا وحده - صلى الله عليه وسلم - فهو بعيد جدا أيضا، والآيات الدالة على عموم الوعد بالنصر لجميع الرسل كثيرة، لا نزاع فيها.

الثاني: أن الله لم يقتصر في كتابه على مطلق النصر الذي هو في اللغة إعانة المظلوم، بل صرح بأن ذلك النصر المذكور للرسل نصر غلبة بقوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} الآية، وقد رأيت معنى الغلبة في القرآن، ومر عليك أن الله جعل المقتول قسما مقابلا للغالب في قوله: {وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ} وصرح تعالى بأن ما وعد به رسله لا يمكن تبديله بقوله جلا وعلا: {وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَأِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤)} ولا شك أن قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} من كلماته التي صرح بأنها لا مبدل لها، وقد نفى جل وعلا عن المنصور أن يكون مغلوبا نفيا باتا بقوله: {إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ} وذكر مقاتل أن سبب نزول قوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} الآية أن