للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تكررت كفى حد واحد، كما لو سرق من جماعة، أو زنى بنساء، أو شرب أنوعًا من السكر.

ولنا أنَّها حقوق لآدميين فلم تتداخل كالديون والقصاص، وفارق ما قاسوا عليه، فإنه حق للَّه تعالى. . . إلى أن قال: وإن قذف رجلًا مرات فلم يحد فحدٌّ واحد، رواية واحدة، سواء قذفه بزنا واحد أو بزنيات، وإن قذفه فحد ثم أعاد قذفه نظرت، فإن قذفه بذلك الزنا الذي حد من أجله لم يعد عليه الحد في قول عامة أهل العلم، وحكي عن ابن القاسم: أنَّه أوجب حدًا ثانيًا، وهذا يخالف إجماع الصحابة، فإن أبا بكرة لما حد بقذف المغيرة أعاد قذفه فلم يروا عليه حدًا ثانيًا، فروى الأثرم بإسناده عن ظبيان بن عمارة قال: شهد على المغيرة بن شعبة ثلاثة نفر أنَّه زان، فبلغ ذلك عمر فكبُر عليه وقال: شاط ثلاثة أرباع المغيرة بن شعبة، وجاء زياد فقال: ما عندك؟ فلم يثبت، فأمر بجلدهم فجلدوا، وقال: شهود زور. فقال أَبو بكرة: أليس ترضى إن أتاك رجل عندك يشهد رجمتَه؟ قال: نعم، والذي نفسي بيده، فقال أَبو بكرة: وأنا أشهد أنَّه زان، فأراد أن يعيد عليه الحد فقال علي: يا أمير المؤمنين: إنك إن أعدت عليه الحد، أوجبت عليه الرجم. وفي حديث آخر: فلا يعاد في فرية جلد مرتين. قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: قول علي: إن جلدته فارجم صاحبك؟ قال: كأنه جعل شهادته شهادة رجلين. قال أَبو عبد الله: وكنت أنا أفسره على هذا حتى رأيته في الحديث فأعجبني ثم قال: يقول: إذا جلدته ثانية فكأنك جعلته شاهدًا آخر.

فأما إن حد له وقذفه بزنا ثان نظرت، فإن قذفه بعد طول الفصل فحدّ ثانٍ؛ لأنه لا يسقط حرمة المقذوف بالنسبة إلى القاذف