أبدًا بحيث يمكن من قذفه بكل حال، وإن قذفه عقيب حده ففيه روايتان.
إحداهما: يحد أيضًا؛ لأنه قذف لم يظهر كذبه فيه بحد، فيلزم فيه حد، كما لو طال الفصل، ولأن سائر أسباب الحد إذا تكررت بعد أن حد للأول ثبت للثاني حكمه، كالزنا والسرقة وغيرهما من الأسباب.
والثانية: لا يحد؛ لأنه قد حُدَّ له مرة فلم يحد له بالقذف عقبه كما لو قذفه بالزنا الأول. انتهى من المغني. وقد رأيت نقله لأقوال أهل العلم فيمن قذف جماعة بكلمة واحدة، أو بكلمات أو قذف واحدًا مرات.
قال مقيده عفا الله عنه وغفر له: هذه المسائل لم نعلم فيها نصًا من كتاب ولا سنَّة.
والذي يظهر لنا فيها واللَّه تعالى أعلم: أن من قذف جماعة بكلمة واحدة فعليه حد واحد، لأنه يظهر به كذبه على الجميع، وتزول به المعرة عن الجميع، ويحصل شفاء الغيظ بحده للجميع.
والأظهر عندنا فيمن رمى جماعة بكلمات: أنَّه يتعدد عليه الحد بعدد الكلمات التي قذف بها، لأنه قذف كل واحد قذفًا مستقلًا لم يشاركه فيه غيره، وحده لبعضهم لا يظهر به كذبه على الثاني الذي قذفه بلفظ آخر، ولا تزول به عنه المعرة. وهذا إن كان قذف كل واحد منهم قذفًا مفردًا لم يجمع معه غيره لا ينبغي أن يختلف فيه، والأظهر أنَّه إن قذفهم بعبارات مختلفة تكرر عليه الحد بعددهم، كما اختاره صاحب المغني.