والأظهر عندنا: أنَّه إن كرر القذف لرجل واحد قبل إقامة الحد عليه يكفي فيه حد واحد، وأنه إن رماه بالزنا بعد حده للقذف الأول بعد طولٍ حُدَّ أيضًا، وإن رماه قرب زمن حده بعين الزنا الذي حد له لا يعاد عليه الحد، كما حكاه صاحب المغني في قصة أبي بكرة والمغيرة بن شعبة، وإن كان القذف الثاني غير الأول، كأن قال في الأول: زنيت بامرأة بيضاء، وفي الثاني قال: بامرأة سوداء، فالظاهر تكرره. والعلم عند الله تعالى.
وعن مالك رحمه الله في المدونة. إن قذف رجلًا فلما ضرب أسواطًا قذفه ثانيًا، أو آخر، ابتدئ الحد عليه ثمانين من حين يقذفه ولا يعتد بما مضى من السياط.
المسألة الرابعة عشرة: الظاهر أن من قال لجماعة: أحدكم زان، أو ابن زانية لا حد عليه؛ لأنه لم يعين واحدًا فلم تلحق المعرة واحدًا منهم، فإن طلبوا إقامة الحد عليه جميعًا لا يحد؛ لأنه لم يرم واحدًا منهم بعينه، ولم يعرف من أراد بكلامه. نقله المواق عن الباجي عن محمد بن المواز، ووجهه ظاهر كما ترى. واقتصر عليه خليل في مختصره في قوله عاطفًا على ما لا حد فيه: أو قال لجماعة: أحدكم زان.
وقال ابن قدامة في المغني: وإذا قال: من رماني فهو ابن الزانية، فرماه رجل، فلا حد عليه، في قول أحد من أهل العلم. وكذلك إن اختلف رجلان في شيء، فقال أحدهما: الكاذب هو ابن الزانية، فلا حد عليه، نص عليه أحمد؛ لأنه لم يعين أحدًا بالقذف، وكذلك ما أشبه هذا. ولو قذف جماعة لا يتصور صدقه في قذفهم، مثل أن يقذف أهل بلدة كثيرة بالزنى كلهم، لم يكن عليه