للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ربيون على ما استدللنا به على أن النائب ضمير النبي فالجواب من ثلاثة أوجه:

الأول: أن ما استدللنا به أخص مما استدللتم به، والأخص مقدم على الأعم، ولا يتعارض عام وخاص، كما تقرر في الأصول، وإيضاحه أن دليلنا في خصوص نبي أمر بالمغالبة في شيء، فنحن نجزم بأنه غالب فيه تصديقا لربنا في قوله: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي} سواء أكانت تلك المغالبة في الحجة والبيان، أم بالسيف والسنان، ودليلكم فيما هو أعم من هذا؛ لأن الآيات التي دلت على قتل بعض الرسل، لم تدل على أنه في خصوص جهاد، بل ظاهرها أنه في غير جهاد، كما يوضحه.

الوجه الثاني: وهو أن جميع الآيات الدالة على أن بعض الرسل قتلهم أعداء الله كلها في قتل بني إسرائيل أنبياءهم في غير جهاد ومقاتله، إلا موضع النزاع وحده.

الوجه الثالث: أن ما رجحناه من أن نائب الفاعل ربيون، تتفق عليه آيات القرآن اتفاقا واضحا، لا لبس فيه على مقتضى اللسان العربي في أفصح لغاته، ولم تتصادم منه آيتان، حيث حملنا الرسول المقتول على الذي لم يؤمر بالجهاد، فقتله إذن لا إشكال فيه، ولا يؤدي إلى معارضة آية واحدة من كتاب الله؛ لأن الله حكم للرسل بالغلبة، والغلبة لا تكون إلا مع مغالبة، وهذا لم يؤمر بالمغالبة في شيء، ولو أمر بها في شيء لغلب فيه، ولو قلنا بأن نائب الفاعل ضمير النبي لصار المعنى أن كثيرا من الأنبياء المقاتلين قتلوا في ميدان الحرب، كما تدل عليه صيغة "وَكَأَيِّنْ" المميزة