للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما غير القتل من الحدود كلها والقصاص فيما دون النفس، فعن أحمد فيه روايتان.

إحداهما: لا يستوفى من الملتجئ إلى الحرم فيه.

والثانية: يستوفى، وهو مذهب أبي حنيفة؛ لأن المروي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - النهي عن القتل لقوله عليه الصلاة والسلام: "فلا يسفك فيها دم" وحرمة النفس أعظم فلا يقاس عليها، ولأن الحد بالجلد جرى مجرى التأديب، فلم يمنع كتأديب السيد عبده. والأولى ظاهر كلال الخرقي، وهي ظاهر المذهب.

قال أَبو بكر: هذه مسألة وجدتها مفردة لحنبل عن عمه: أن الحدود كلها تقام في الحرم إلَّا القتل. والعمل على أن كل جان دخل الحرم لم يقم عليه حد جنايته حتى يخرج منه، إلى أن قال: وقال مالك، والشافعي، وابن المنذر: يستوفى منه فيه؛ لعموم الأمر بجلد الزاني، وقطع السارق، واستيفاء القصاص من غير تخصيص بمكان دون مكان. اهـ محل الغرض منه.

وقال ابن حجر في فتح الباري: وقال أَبو حنيفة: لا يقتل في الحرم حتى يخرج إلى الحل باختياره، ولكن لا يجالس ولا يكلم، ويوعظ، ويذكر حتى يخرج. وقال أَبو يوسف: يخرج مضطرًا إلى الحل. وفعله ابن الزبير.

وروى ابن أبي شيبة من طريق طاووس عن ابن عباس: من أصحاب حدا ثم دخل الحرم لم يجالس ولم يبايع. وعن مالك والشافعي: يجوز إقامة الحد مطلقًا فيها؛ لأن العاصي هتك حرمة نفسه، فأبطل ما جعل الله له من الأمن. اهـ محل الغرض منه.