للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتى بما عليه، فأنذرهم على أكمل الوجوه وأبلغها وأن هداهم وإضلالهم بيد من خلقهم.

ومن الآيات النازلة تسلية له - صلى الله عليه وسلم - قوله هنا: {إِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى} أي: لا تسمع من أضله الله إسماع هدى وقبول، إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا، يعني ما تسمع إسماع هدى وقبول إلا من هديناهم للإِيمان بآياتنا فهم مسلمون.

والآيات الدالة على هذا المعنى كثيرة، كقوله تعالى: {إِنْ تَحْرِصْ عَلَى هُدَاهُمْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ} الآية، وقوله تعالى: {وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١)} وقوله تعالى: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ} الآية. وقوله تعالى: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ (١٠٠)} إلى غير ذلك من الآيات. ولو كان معنى الآية، وما شابهها: إنك لا تسمع الموتى، أي: الذين فارقت أرواحهم أبدانهم لما كان في ذلك تسلية له - صلى الله عليه وسلم - كما ترى.

واعلم أن آية النمل هذه جاءت آيتان أخريان بمعناها:

الأولى منهما: قوله تعالى في سورة الروم: {فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (٥٢) وَمَا أَنْتَ بِهَادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (٥٣)} ولفظ آية الروم هذه كلفظ آية النمل التي نحن بصددها، فيكفي في بيان آية الروم ما ذكرنا في آية النمل.