لكل مسكين نصف صاع؛ ولأنها كفارة تشتمل على صيام وإطعام، فكان لكل مسكين نصف صاع من التمر والشعير، كفدية الأذى.
فأما رواية أبي داود: أن العرق ستون صاعًا فقد ضعفها، وقال: غيرها أصح منها. وفي الحديث ما يدل على الضعف؛ لأن ذلك في سياق قوله: إني سأعينه بعرق، فقالت امرأته: إني سأعينه بعرق آخر، فأطعمي بهما عنه ستين مسكينًا، فلو كان العرق ستين صاعًا لكانت الكفارة مائة وعشرين صاعًا، ولا قائل به. وأما حديث المجامع الذي أعطاه خمسة عشر صاعًا، فقال: تصدق به. فيحتمل أنه اقتصر عليه إذ لم يجد سوه، ولذلك لما أخبره بحاجته إليه أمره بأكله.
وفي الحديث المتفق عليه قريب من عشرين صاعًا، وليس ذلك مذهبًا لأحد، فيدل على أنه اقتصر على البعض الذي لم يجد سواه. وحديث أوس أخي عبادة بن الصامت مرسل يرويه عنه عطاء، ولم يدركه، على أنه حجة لنا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطاه عرقًا، وأعانته امرأته بآخر، فصارا جميعًا ثلاثين صاعًا، وسائر الأخبار يجمع بينها وبين أخبارنا، بحملها على الجواز، وحمل أخبارنا على الإِجزاء، وقد عضد هذا أن ابن عباس راوي بعضها، ومذهبه أن المد من البر يجزئ. وكذلك أبو هريرة. وسائر ما ذكرنا من الأخبار مع الإِجماع الذي نقله سليمان بن يسار واللَّه أعلم. انتهى بطوله من المغني لابن قدامة. وقد جمع فيه أقوال أهل العلم وأدلتهم، وما نقل عن مالك في هذا المبحث أصح منه عنه ما ذكرناه قبله في هذا المبحث.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار في رواية والعرق ستون صاعًا: هذه الرِّواية تفرد بها معمر بن عبد الله بن حنظلة. قال الذهبي: