وأما كون الإله المعبود واحدًا لا شريك له، ففي قوله هنا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥)}؛ لأن الهمزة في قوله:(أجعل) للإنكار المشتمل على معنى النفي، فهي تدل على نفي سبب تعجبهم من قوله - صلى الله عليه وسلم - : إن الإله المعبود واحد.
وهذان الأمران قد دلت آيات أخر من القرآن العظيم على أن الله أقسم على تكذيبهم فيهما وإثباتهما بالقسم صريحًا، كقوله تعالى مقسمًا على أن الرسول مرسل حقًا: {يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣)} فهي توضح معنى {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ (١)} إنك لمن المرسلين.
وقد جاء تأكيد صحة تلك الرسالة في آيات كثيرة، كقوله تعالى: {تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٢٥٢)}. وأما كونه تعالى هو المعبود الحق لا شريك له، فقد أقسم تعالى عليه في غير هذا الموضع، كقوله تعالى {وَالصَّافَّاتِ صَفًّا (١) فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا (٢) فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا (٣) إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ (٤)} ونحو ذلك من الآيات. فدل ذلك على أن المعنى تضمن ما ذُكِر، أي: والقرآن ذي الذكر، إن إلهكم لواحد، كما أشار إليه بقوله:{أَجَعَلَ الْآلِهَةَ} الآية.
وأما كون البعث حقًا، فقد أقسم عليه إقسامًا صحيحًا صريحًا، في آيات من كتاب الله، كقوله تعالى:{قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ}، وقوله تعالى:{قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ} أي الساعة، وقوله:{قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ}.
وأقسم على اثنين من الثلاثة المذكورة وحذف المقسم عليه الذي هو الاثنان المذكوران، وهي كون الرسول مرسلًا، والبعث حقًا، وأشار إلى ذلك إشارة واضحة، وذلك في قوله تعالى: {ق