أي فطبع على قلوبهم، فهم بسبب ذلك الطبع (لا يفقهون) أي لا يفهمون من براهين الله وحججه شيئًا.
وذلك ما يبين أن الطبع والأكنة يؤول معناهما إلى شيء واحد، وهو ما ينشأ عن كل منهما من عدم الفهم؛ لأنه قال في الطبع: {فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ (٣)}، وقال في الأكنة:{وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ} أي كراهة أن يفقهوه، أو لأجل ألا يفقهوه، كما قدمنا إيضاحه.
وكقوله تعالى:{فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ} فبين أن زيغهم الأول كان سببًا لإِزاغة الله قلوبهم، وتلك الإِزاغة قد تكون بالأكنة والطبع والختم على القلوب.
وإيضاح هذا الجواب: أن الكفار قالوا للنبي - صلى الله عليه وسلم - :{قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} يقصدون بذلك إخباره - صلى الله عليه وسلم - بأنهم لا يؤمنون به بوجه، ولا يتبعونه بحال، ولا يقرون بالحق الذي هو كون كفرهم هذا هو الجريمة والذنب الذي كان سببًا في الأكنة والوقر والحجاب.
فدعواهم كاذبة؛ لأن الله جعل لهم قلوبًا يفهمون بها، وآذانًا يسمعون بها، خلافًا لما زعموا، ولكنه سبَّب لهم الأكنة والوقر والحجاب، بسبب مبادرتهم إلى الكفر وتكذيب الرسول - صلى الله عليه وسلم - .