للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقوله عنهم: (مهتدون) هو مصب التكذيب؛ لأن الله إنما يرضى بالاهتداء لا بالضلال.

فالاهتداء المزعوم أساسه تقليد الآباء الأعمى، وسيأتي إيضاح رده عليهم قريبًا إن شاء الله.

وقال تعالى في آية النحل بعد ذكره دعواهم المذكورة: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيهِ الضَّلَالةُ}.

فأوضح في هذه الآية الكريمة أنه لم يكن راضيًا بكفرهم، وأنه بعث في كل أمة رسولًا، وأمرهم على لسانه أن يعبدوا الله وحده، ويجتنبوا الطاغوت، أي يتباعدوا عن عبادة كل معبود سواه.

وأن الله هدى بعضهم إلى عبادته وحده، وأن بعضهم حقت عليه الضلالة، أي ثبت عليه الكفر والشقاء.

وقال تعالى في آية الأنعام: {قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (١٤٩)}.

فملكه تعالى وحده للتوفيق والهداية، هو الحجة البالغة على خلقه، يعني فمن هديناه وتفضلنا عليه بالتوفيق فهو فضل منا ورحمة، ومن لم نفعل له ذلك فهو عدل منا وحكمة؛ لأنه لم يكن له ذلك دَينًا علينا ولا واجبًا مستحقًا يستحقه علينا، بل إن أعطينا ذلك ففضل، وإن لم نعطه فعدل.

وحاصل هذا: أن الله تبارك وتعالى قدر مقادير الخلق قبل أن