وقد قدمنا الآيات الموضحة لهذا مع بعض الأحاديث الصحيحة فيه، مع زيادة إيضاح مهمة، في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى: {وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (١٩)}، وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} الآية، وذكرنا طرفًا منه في سورة الأحقاف في الكلام على قوله تعالى:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا} الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {أَضَلَّ أَعْمَالهُمْ (١)} أصله من الضلال بمعنى الغَيبة، والاضمحلال، لا من الضالة، كما زعمه الزمخشري، فهو كقوله: {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤)}.
وقد قدمنا معاني الضلال في القرآن واللغة، في سورة الشعراء في الكلام على قوله: {قَال فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢٠)}، وفي آخر الكهف في الكلام على قوله تعالى:{الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} الآية، وفي غير ذلك من المواضع.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} قد قدمنا إيضاحه في أول سورة الكهف في الكلام على قوله تعالى: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} الآية، وفي سورة النحل في الكلام على قوله تعالى {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ} الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة:{وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ}.
قال فيه ابن كثير: هو عطف خاص على عام، وهو دليل على أنه شرط في صحة الإِيمان، بعد بعثته - صلى الله عليه وسلم - . اهـ منه.