للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الاهتداء بهداه، ولما أقام عليهم الحجة به حتى يحصلوا شروط الاجتهاد المقررة عند متأخري الأصوليين، كما ترى.

ومعلوم أن من المقرر في الأصول أن صورة سبب النزول قطعية الدخول، وإذًا فدخول الكفار والمنافقين في الآيات المذكورة قطعي، ولو كان لا يصح الانتفاع بهدى القرآن إلا لخصوص المجتهدين، لما أنكر الله على الكفار عدم تدبرهم كتاب الله، وعدم عملهم به.

وقد علمت أن الواقع خلاف ذلك قطعًا، ولا يخفى أن شروط الاجتهاد لا تشترط إلا فيما فيه مجال للاجتهاد، والأمور المنصوصة في نصوص صحيحة من الكتاب والسنة، لا يجوز الاجتهاد فيها لأحد، حتى تشترط فيها شروط الاجتهاد، بل ليس فيها إلا الاتباع، وبذلك تعلم أنما ذكره صاحب مراقي السعود تبعًا للقرافي من قوله:

من لم يكن مجتهدًا فالعمل ... منه بمعنى النص مما يحظل

لا يصح على إطلاقه بحال؛ لمعارضته لآيات وأحاديث كثيرة من غير استناد إلى دليل.

ومن المعلوم أنه لا يصح تخصيص عمومات الكتاب والسنة إلا بدليل يجب الرجوع إليه.

ومن المعلوم أيضًا، أن عمومات الآيات والأحاديث الدالة على حث جميع الناس على العمل بكتاب الله وسنة رسوله أكثر من أن تحصى، كقوله - صلى الله عليه وسلم - : "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وسنتي"، وقوله - صلى الله عليه وسلم - "عليكم بسنتي" الحديث. ونحو ذلك مما لا يحصى.