وهو معنى إكدائه. وهذا قول السدي، ولم ينسجم مع قوله بعده:{أَعِنْدَهُ عِلْمِ الْغَيبِ} الآية.
وعن محمد بن كعب القرظي: أنَّه أَبو جهل، قال: والله ما يأمرنا محمد - صلى الله عليه وسلم - إلَّا بمكارم الأخلاق، وذلك معنى إعطائه قليلًا، وقطعه لذلك معروف.
واقتصر الزمخشري على أنَّه عثمان بن عفان رضي الله عنه، قال: روي أن عثمان بن عفان كان يعطي ماله في الخير، فقال له عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وهو أخوه من الرضاعة: يوشك ألا يبقى لك شيء. فقال عثمان: إن لي ذنوبًا وخطايا، وإني أطلب بما أصنع رضا الله تعالى، وأرجو عفوه. فقالا عبد الله: أعطني ناقتك برحلها، وأنا أتحمل عنك ذنوبك كلها، فأعطاه وأشهد عليه، وأمسك عن العطاء، فنزلت الآية، ومعنى (تولى): ترك المركز يوم أحد. فعاد عثمان إلى أحسن من ذلك وأجمل. انتهى منه.
ولا يخفى سقوط هذا القول وبطلانه، وأنه غير لائق بمنصب أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه.
وقد تضمنت هذه الآيات الكريمة سبعة أمور:
الأول: إنكار علم الغيب، المدلول عليه بالهمزة في قوله:{أَعِنْدَهُ عِلْمِ الْغَيبِ} والمراد نفي علمه للغيب.
الثاني: أن لكل من إبراهيم وموسى صحفًا لم ينبأ بما فيها هذا الكافر.
الثالث: أن إبراهيم وفَّى، أي أتم القيام بالتكاليف التي كلفه ربه بها.