واعلم أن الغالب في الأمثلة التي ذكرناها كلها تعددها في القرآن بكثرة ومنها ما يتعدد من غير كثرة، وربما ذكرنا فردًا من أفراد البيان لا نظير له كإشارته تعالى إلى أقل أمد الحمل بقوله:{وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} مع قوله: {وَفِصَالُهُ فِي عَامَينِ} فلم يبق للحمل من الثلاثين شهرًا بعد عامي الفصال إلا ستة أشهر، فدل ذلك على أنها أمد للحمل يوضع فيه تامًّا.
واعلم أن أقسام البيان في هذا الكتاب المبارك بالنسبة إلى المنطوق والمفهوم أربعة: لأن كلا من المبين باسم المفعول والمبين باسم الفاعل قد يكون منطوقًا، وقد يكون مفهومًا، فالمجموع أربع من ضرب حالتي المنطوق في حالتي المفهوم.
الثانية: بيان مفهوم بمنطوق كبيان مفهوم قوله: {هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢)} بمنطوق قوله تعالى: {وَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيهِمْ عَمًى} وقوله: {وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إلا خَسَارًا (٨٢)}.
الثالثة: بيان منطوق بمفهوم كبيان قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيكُمُ الْمَيتَةُ وَالدَّمُ} الآية، بمفهوم آية الأنعام، فإن تحريم الدم مطلقًا منطوق هنا، وقوله تعالى في الأنعام:{مَيتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا} يدل بمفهوم مخالفته على أن غير المسفوح ليس كذلك، فيبين هذا المفهوم أن المراد بالدم في الآية الأولى غير المسفوح.