قال القرطبي: والعمل فيه أن يجعل الفيل في مركب وينظر إلى منتهى ما ينزل المركب في الماء، ثم يخرج الفيل ويجعل في المركب طعام إلى الحد الذي نزل فيه والفيل فيه، وهذا عدله من الطعام، وأما إن نظر إلى قيمته فهو يكون له ثمن عظيم لأجل عظامه وأنيابه، فيكثر الطعام، وذلك ضرر اهـ.
قال مقيده - عفا الله عنه -: هذا الذي ذكره القرطبي في اعتبار مثل الفيل طعاماً فيه أمران:
الأول: أنه لا يقدر عليه غالباً؛ لأن نقل الفيل إلى الماء، وتحصيل المركب، ورفع الفيل فيه، ونزعه منه لا يقدر عليه آحاد الناس غالباً، ولا ينبغي التكليف العام إلا بما هو مقدور غالباً لكل واحد.
والثاني: أن كثرة القيمة لا تعد ضرراً؛ لأنه لم يجعل عليه إلا قيمة ما أتلف في الإحرام، ومن أتلف في الإحرام حيواناً عظيماً لزمه جزاء عظيم، ولا ضرر عليه؛ لأن عظم الجزاء تابع لعظم الجناية كما هو ظاهر.
المسألة الحادية عشرة: أجمع العلماء على أن صيد الحرم المكي ممنوع؛ وأن قطع شجره، ونباته حرام إلا الإذخر لقوله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة:"إن هذا البلد حرام لا يعضد شوكة، ولا يختلى خلاه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف" فقال العباس إلا الإذخر، فإنه لا بد لهم منه، فإنه للقيون والبيوت، فقال:"إلا الإذخر" متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، وعن أبي هريرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما فتح مكة قال: "لا ينفر