للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولهما: إنه لا زكاة في غير النخل والعنب من الأشجار، ولا في شيء من الحبوب إلا فيما يقتات ويدخر، ولا زكاة في الفواكه، ولا الخضراوات؛ لأن النص والإجماع دلا على وجوب الزكاة في الحنطة والشعير، والتمر والزبيب، وكل واحد منها مقتات مدخر فألحقوا بها كل ما كان في معناها؛ لكونه مقتاتاً ومدخراً، ولم يريا أن في الأشجار مقتاتاً ولا مدخراً غير التمر والزبيب، فلم يشاركهما في العلة غيرهما من الثمار، ولذا قال جماعة من أصحاب مالك بوجوبها في التين على أصول مذهب مالك؛ لأنه كالزبيب في الاقتيات والإدخار.

وقال ابن عبد البر: الظاهر أن مالكاً ما كان يعلم أن التين كذلك، وأما الحبوب فيؤخذ فيها الاقتيات والإدخار، فألحقا بالحنطة والشعير كل ما كان مقتاتاً مدخراً كالأرز والذرة والدخن والقطاني ونحو ذلك، -فهو إلحاق منهما-رحمهما الله- للمسكوت بالمنطوق بجامع العلة التي هي عندهما الاقتيات والإدخار؛ لأن كونه مقتاتاً مدخراً مناسب لوجوب الصدقة فيه، لاحتياج المساكين إلى قوت يأكلون منه ويدخرون.

وأما أحمد -رحمه الله- فحجته في قوله: إن الزكاة تجب فيما يبقى وييبس ويكال أن ما لا ييبس ولا يبقى كالفواكه والخضراوات لم تكن تؤخذ منه الزكاة في زمنه - صلى الله عليه وسلم -، ولا زمن الخلفاء الراشدين.

ودليله في اشتراطه الكيل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة" قال: فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن حمل الواجب في الوسق وهو خاص بالمكيل، كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى.