للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أتي بضب، فأبى أن يأكله" قال: "إني لا أدري لعله من القرون الأولى التي مسخت".

وأخرج مسلم نحوه أيضاً من حديث أبي سعيد مرفوعاً، فكأنه في هذا الحديث علل الامتناع منه باحتمال المسخ، أو لأنه ينهش، فأشبه ابن عرس، ولكن هذا لا يعارض الأدلة الصحيحة الصريحة التي قدمناها بإباحة أكله، وكان بعض العرب يزعمون أن الضب من الأمم التي مسخت، كما يدل له قول الراجز:

قالت -وكنت رجلاً فطيناً - ... هذا -لعمر الله- إسرائينا

فإن هذه المرأة العربية أقسمت على أن الضب إسرائيلي مسخ.

وأما الجراد: فلا خلاف بين العلماء في جواز أكله، وقد ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن أبي أوفى أنه قال: "غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبع غزوات نأكل الجراد". اهـ.

وميتة الجراد من غير ذكاة حلال عند جماهير العلماء؛ لحديث "أحلت لنا ميتتان ودمان" الحديث.

وخالف مالك الجمهور، فاشترط في جواز أكله ذكاته، وذكاته عنده ما يموت به بقصد الذكاة، وهو معنى قول خليل بن إسحاق المالكي في مختصره: وافتقر نحو الجراد لها بموت به، ولو لم يجعل كقطع جناح.

واحتج له المالكية بعدم ثبوت حديث ابن عمر المذكور "أحلت لنا ميتتان" الحديث؛ لأن طرقه لا تخلو من ضعف في