للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

كفائدة الشهادة على الشهادة، وهو مثل كتاب القاضي إذا (١) كان فيه ثبوت محض، فإنه هناك يكون مدع فقط بلا مدعى عليه حاضر، لكن هنا المدعى عليه متخوف، وإنما المدعي يطلب من القاضي سماع البينة أو الإقرار، كما يسمع ذلك شهود الفرع، فيقول القاضي: ثبت ذلك عندي بلا مدعى عليه، وقد ذكره قوم من الفقهاء وفعله طائفة من القضاة، ولم يسمعها طوائف من الحنفية والشافعية والحنبلية، لأن القصد بالحكم فصل الخصومة، ومن قال بالخصم المسخر نصب الشر ثم قطعه.

وذكر شيخنا أيضا ما ذكره القاضي من احتيال الحنفية على سماع البينة من غير وجود مدعى عليه، فإن المشتري المقر له بالبيع قد قبض المبيع وسلم الثمن، فهو لا يدعي شيئا ولا يُدَّعى عليه شيء، وإنما غرضه تثبيت الإقرار أو العقد، والمقصود سماع القاضي البينة وحكمه بموجبها، من غير وجود مدعى عليه، ومن غير مدع على أحد، لكن خوفا من حدوث خصم مستقبل، فيكون هذا الثبوت حجة بمنزلة الشهادة، فإن لم يكن القاضي يسمع البينة بلا هذه الدعوى، وإلا امتنع من سماعها مطلقا، وعطل هذا المقصود الذي احتالوا.

قال شيخنا: وكلامه يقتضي أنه هو لا يحتاج إلى هذا الاحتيال، وأظن الشافعية موافقيه في إنكار هذا على الحنفية، مع أن جماعات من القضاة المتأخرين من الشافعية والحنبلية دخلوا مع الحنفية في ذلك، وسموه الخصم المسخر، وأما على أصلنا الصحيح وأصل مالك، فإما أن نمنع الدعوى على غير خصم منازع فتثبت الحقوق بالشهادات على الشهادات،


(١) في ط ١: (إذ)، والمثبت من ط ٢ والنسخة الخطية (ص ٣٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>