للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[١٤٩٥ - رد شهادة القاذف]

- قال ابن مفلح: (وقال القاضي: إذا عجز عن تصديق نفسه بإقامة البينة صار فاسقًا وسقطت شهادته.

وقولهم: «يجوز أن يكون صادقا في قذفه» غير صحيح، لأنه إذا عجز عن إقامة البينة حكمنا بكذبه، ألا ترى أنه يوجب الحد عليه؟ ولا يجوز أن نوجب الحد عليه ولم نحكم بكذبه.

قال الشيخ تقي الدين ــ عن كلام القاضي هذا ــ: وهذا الكلام يقتضي: أنه يفسق حين يجب عليه الحد، وذلك يستدعي مطالبة المقذوف، وقالت الحنفية: الحاكم لو شاهد رجلا يزني أو يسرق يحكم بفسقه ولم يقبل شهادته، ولو رآه يقذف لم يحكم بفسقه لجواز كونه صادقا، قال القاضي: إذا عجز عن إقامة البينة حكم بفسقه. وقال أبو الخطاب في «الانتصار»: ولا فرق بينهما، ولأنه لم يذكر شهادته بصورة الزنا والسرقة لجواز الشبهة، فإن انكشف له الحال بأنه زنى بانتفاء الشبهة رد حينئذ، كالقذف سواء إذا عجز عن إقامة البينة على صدقه وشهادته وحكم بفسقه وحده، ولا فرق بينهما.

وقال القاضي بعد ذلك: لا يحكم بكذبه بنفس القذف، وإنما يحكم بالقذف والعجز عن تصديقه بالبينة، وذلك متأخر عن حال القذف بدليل قوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النور: ١٣] فحكم بكذبهم بالعجز عن الإيتاء بالشهادة (١).


(١) في حاشية «النكت»: (بهامش الأصل: الذي في «النكت» عن شيخ السلامية: عن الإتيان بالشهادة).

<<  <  ج: ص:  >  >>