للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أظهر التوبة ــ فقال: يتوب فيما بينه وبين الله، ويجانب أهل مقالته حتى يعرف الناس أنه تائب.

قال: وظاهر هذا أنه لم يجعل مجانبته شرطا في صحة توبته، وإنما جعلها ليكون ذلك دلالة على توبته عند من عرف ذلك منه، ولم يشترط معنى زائدا على ذلك.

وهذا اختياره في «المغني»، قال: والصحيح أن التوبة من البدعة كغيرها، إلا أن تكون التوبة بفعل يشبه الإكراه كتوبة صبيغ، فتعتبر له مدة تظهر أن توبته عن إخلاص لا عن إكراه.

وقال الشيخ تقي الدين: من تأمل كلام أحمد وجده إنما يعتبر في جميع المواضع التوبة، لكن نحن لا نعلم صدقه في توبته بمجرد قوله: قد تبت، فلا بد من انكفافه عن ذلك الذنب، وعلاماته سنة، ليكون هذا دليلا لنا على صدق توبته فيما بينه وبين الله، ويجانب أهل مقالته، حتى يعرف الناس أنه تائب، فجعل التوبة فيما بينه وبين الله صحيحة في الحال، وأما عند الناس فيترك مواضع الذنب، وهو مجانبة أصحاب الذنب.

وقول القاضي: «إنما أمر بذلك ليكون دليلا على توبته عند من عرف ذلك منه» ضعيف، لأن المجانبة لأهل المقالة المبتدعة واجبة، وإنما أمر به لأن ملازمته دليل على القيام بموجب التوبة، ولأنه قال: حتى يعرف الناس منه ذلك، وهذا يقتضي معرفة من عرف أنه قد تاب، ومن لم يعرف أنه تاب، ألا ترى أن المسألة: أنه أظهر التوبة، فحقيقة التوبة عن إظهار، وكذلك قوله: «من علامة توبته موالاة من عاداه على البدعة، ومعاداة من والاه عليها»، وقال: «فهذه توبة صحيحة»، فعلمت أنه لا بد من علامة تدلنا على صحة

<<  <  ج: ص:  >  >>