للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه، وهذا لا يمنع من سماع شهادته وقبولها، لأن المقصود بمعاينته، والإشارة إليه هو تعيينه وتمييزه عن غيره ليصير معلوما عند الحاكم، فيتمكن بذلك من إنفاذ الحكم عليه، وهذا يحصل مع حدوث العمى بما يصفه بلسانه، من اسمه ونسبه وصفاته التي تميزه وتعينه.

فإن قيل: لو كان التعيين باللسان يقوم مقام الإشارة لوجب أن يصح في البصر إذا شهد؟

قيل: يصح ذلك من البصير من غير حضور الخصم، ويكون التعيين باللسان بناء على قولنا في القضاء على الغائب، وسماع البينة عليه، فإن حضر الخصم احتمل أن تقبل الشهادة عليه من غير إشارة إليه إذا ذكر اسمه ونسبه، وهو الصحيح، واحتمل أن تجب الإشارة إليه مع الحضور، لأنه أقرب إلى علم الحاكم به، وفصل الحكم بينه وبين خصمه، بخلاف الأعمى فإن فصل الحكم يحصل بسماع كلامه لتعذر الإشارة من جهته، بدليل جواز الشهادة على الغائب عند المخالف بلا إشارة، وإذا حضر وجبت الإشارة.

قال الشيخ تقي الدين: الأعمى تمكن منه الإشارة إذا عرف الصوت.

قال القاضي: وأيضاً فإنه ليس من شرط صحة الشهادة معاينة المشهود عليه، بدليل اتفاقهم على جواز الشهادة على الميت والموكل الغائب.

وقال أيضًا: تعيين المشهود عليه للحاكم يحصل بالتسمية والنسبة والصفة.

قال الشيخ تقي الدين: فقد سووا بين شهادة الأعمى وبين شهادة البصير على الغائب والميت، وفي شهادة الأعمى بالصفة دون الاسم والنسب وجهان. فكذلك الشهادة على الغائب والميت.

<<  <  ج: ص:  >  >>