وطرد هذا القياس أنّ من تكلّم في صلاته ناسيًا لم تبطل صلاته، وطرده أيضًا أنّ من جامع في إحرامه أو صيامه ناسيًا لم يبطل صيامه ولا إحرامه، وكذلك من تطيّب أو لبس، أو غطى رأسه، أو حلق رأسه، أو قلم ظفره ناسيًا= فلا فدية عليه، بخلاف قتل الصيد، فإنه من باب ضمان المتلفات، فهو كدية القتيل، وأما اللباس والطيب: فمن باب الترفه، وكذلك الحلق والتقليم ليس من باب الإتلاف، فإنه لا قيمة له في الشرع، ولا في العرف.
وطرد هذا القياس أنّ من فعل المحلوف عليه ناسيًا لم يحنث ــ سواء حلف بالله، أو بالطلاق، أو بالعتاق، أو غير ذلك ــ، لأن القاعدة: أن من فعل المنهي عنه ناسيًا لم يعد عاصيا، والحنث في الأيمان كالمعصية في الإيمان (١)، فلا يعد حانثا من فعل المحلوف عليه ناسيًا.
وطرد هذا أيضًا أنّ من باشر النجاسة في الصلاة ناسيًا لم تبطل صلاته، بخلاف من ترك شيئًا من فروض الصلاة ناسيًا، أو ترك الغسل من الجنابة، أو الوضوء أو الزكاة أو شيئا من فروض الحج ناسيًا= فإنه يلزمه الإتيان به، لأنه لم يؤد ما أمر به، فهو في وقت عهدة الأمر.
وسِرُّ الفرق: أن من فعل المحظور ناسيًا يجعل وجوده كعدمه، ونسيان ترك المأمور لا يكون عذرًا في سقوطه، كما كان فعل المحظور ناسيًا عذرا في سقوط الإثم عن فاعله.