للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ليلة القدر، ولا كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور، ولا يذكرونها، ولهذا لا يعرف أي ليلة كانت، وإن كان الإسراء من أعظم فضائلة - صلى الله عليه وسلم -، ومع هذا فلم يشرع تخصيص ذلك الزمان، ولا ذلك المكان بعبادة شرعية، بل غار حراء الذي ابتدئ فيه بنزول الوحي، وكان يتحراه قبل النبوة، لم يقصده هو، ولا أحد من أصحابه بعد النبوة مدة مقامه بمكة، ولا خصّ اليوم الذي أنزل فيه الوحي بعبادة ولا غيرها، ولا خصّ المكان الذي ابتدئ فيه بالوحي، ولا الزمان بشيء.

ومن خصّ الأمكنة والأزمنة من عنده بعبادات لأجل هذا وأمثاله= كان من جنس أهل الكتاب، الذين جعلوا زمان أحوال المسيح مواسم وعبادات، كيوم الميلاد، ويوم التعميد، وغير ذلك من أحواله، وقد رأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - جماعة يتبادرون مكانًا يصلون فيه، فقال: ما هذا؟ قالوا: مكان صلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فقال: أتريدون أن تتخذوا آثار أنبيائكم مساجد؟ إنما هلك من كان قبلكم بهذا، فمن أدركته فيه الصلاة فليصل، وإلا فليمض.

وقد قال بعض الناس: إن ليلة الإسراء في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - أفضل من ليلة القدر، وليلة القدر بالنسبة إلى الأمة أفضل من ليلة الإسراء، فهذه الليلة في حق الأمة أفضل لهم، وليلة الإسراء في حق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضل له) [زاد المعاد ١/ ٥٧ ــ ٥٩].

- وقال أيضا: (ومنها أنه سئل (١) عن ليلة القدر وليلة الإسراء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أيهما أفضل؟


(١) أي شيخ الإسلام ابن تيمية، والإشارة إلى مسائل التفضيل التي أجاب عنها.

<<  <  ج: ص:  >  >>