للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وهاتان الطريقتان باطلتان ... وأما الطريقة الثانية: فأظهر بطلانا من وجوه عديدة: ... (١)

الحادي عشر: أن فسخ الحج إلى العمرة موافق لقياس الأصول، لا مخالف له، ولو لم يرد به النص لكان القياس يقتضي جوازه، فجاء النص به على وفق القياس. قاله شيخ الإسلام، وقرره بأن المحرم إذا التزم أكثر مما كان لزمه جاز باتفاق الأئمة، فلو أحرم بالعمرة، ثم أدخل عليها الحج= جاز بلا نزاع، وإذا أحرم بالحج، ثم أدخل عليه العمرة= لم يجز عند الجمهور، وهو مذهب مالك وأحمد والشافعي في ظاهر مذهبه، وأبو حنيفة يجوز ذلك بناء على أصله في أن القارن يطوف طوافين، ويسعى سعيين.

قال: وهذا قياس الرواية المحكية عن أحمد في القارن: أنه يطوف طوافين، ويسعى سعيين، وإذا كان كذلك فالمحرم بالحج لم يلتزم إلا الحج، فإذا صار متمتعًا صار ملتزما لعمرة وحج، فكان ما التزمه بالفسخ أكثر مما كان عليه، فجاز ذلك، ولما كان أفضل كان مستحبًا.

وإنما أشكل هذا على من ظن أنه فسخ حجا إلى عمرة، ليس كذلك فإنه لو أراد أن يفسخ الحج إلى عمرة مفردة لم يجز بلا نزاع، وإنما الفسخ جائز لمن كان من نيته أن يحج بعد العمرة، والمتمتع من حين يحرم بالعمرة فهو داخل في الحج، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة»، ولهذا يجوز له أن يصوم الأيام الثلاثة من حين يحرم بالعمرة، فدل على أنه في تلك الحال في الحج، وأما إحرامه بالحج بعد ذلك فكما يبدأ الجنب بالوضوء ثم يغتسل بعده، وكذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعل إذا اغتسل من


(١) وساق ابن القيم هذه الوجوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>