للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أشبه، فليس عنده حسا ولا معنى، فيكون قد باعه شيئا لا يدري: هل يحصل له أم لا؟ وهذا يتناول أمورًا:

أحدها: بيع عين معينة ليست عنده. الثاني: السلم الحال في الذمة، إذا لم يكن عنده ما يوفيه. الثالث: السلم المؤجل، إذا لم يكن على ثقة من توفيته عادة، فأما إذا كان على ثقة من توفيته عادة: فهو دين من الديون، وهو كالابتياع بثمن مؤجل، فأي فرق بين كون أحد العوضين مؤجلًا في الذمة، وبين الآخر؟ فهذا محض القياس والمصلحة، وقد قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: ٢٨٢] وهذا يعم الثمن والمثمن، وهذا هو الذي فهمه ترجمان القرآن من القرآن ــ عبد الله بن عباس ــ، فقال: أشهد، أن السلف المضمون في الذمة حلال في كتاب الله، وقرأ هذه الآية.

فثبت أن إباحة السلم على وفق القياس والمصلحة، وشرع على أكمل الوجوه وأعدلها، فشرط فيه قبض الثمن في الحال، إذ لو تأخر لحصل شغل الذمتين بغير فائدة، ولهذا سمي سلما لتسليم الثمن، فإذا أخر الثمن دخل في حكم الكالئ بالكالئ، بل هو نفسه، وكثرت المخاطرة، ودخلت المعاملة في حد الغرر، ولذلك منع الشارع أن يشترط فيه كونه من حائط معين، لأنه قد يتخلف فيمتنع التسليم.

والذين شرطوا: أن يكون دائم الجنس غير منقطع، قصدوا به إبعاده من الغرر بإمكان التسليم، لكن ضيقوا ما وسع الله، وشرطوا ما لم يشرطه، وخرجوا عن موجب القياس والمصلحة، أما القياس: فإنه أحد العوضين، فلم يشترط دوامه ووجوده كالثمن، وأما المصلحة: فإن في اشتراط ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>