للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأصول الإمام أحمد ونصوصه تخالف هذا، فإن من أصوله: أن العقود تنعقد بما يدل على مقصودها، من قول أو فعل، ولا يرى اختصاصها بالصيغ.

ومن أصوله: أن الكناية مع دلالة الحال كالصريح، كما قاله في الطلاق والقذف وغيرهما.

والذين اشترطوا لفظ الإنكاح والتزويج، قالوا: ما عداهما كناية، فلا يثبت حكمها إلا بالنية، وهي أمر باطن، لا اطلاع للشاهد عليه، إذ الشهادة إنما تقع على المسموع، لا على المقاصد والنيات، وهذا إنما يستقيم إذا كانت ألفاظ الصريح والكناية ثابتة بعرف الشرع، وفي عرف المتعاقدين، والمقدمتان غير معلومتين.

أما الأولى: فإن الشارع استعمل لفظ التمليك في النكاح، فقال: «ملكتكها بما معك من القرآن» وأعتق صفية، وجعل عتقها صداقها، ولم يأت معه بلفظ إنكاح ولا تزويج، وأباح الله ورسوله النكاح، ورد فيه الأمة إلى ما تتعارفه نكاحا، بأي لفظ كان، ومعلوم: أن تقسيم الألفاظ إلى صريح وكناية تقسيم شرعي، فإن لم يقم عليه دليل شرعي كان باطلًا، فما هو الضابط لذلك؟

وأما المقدمة الثانية: فكون اللفظ صريحًا أو كناية أمر يختلف باختلاف عرف المتكلم والمخاطب، والزمان والمكان، فكم من لفظ صريح عند قوم، وليس بصريح عند آخرين، وفي مكان دون مكان، وزمان دون زمان، فلا يلزم من كونه صريحا في خطاب الشارع أن يكون صريحا عند كل متكلم، وهذا ظاهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>